دخل الجنة ولم يسجد لله سجدةً واحدة
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، " قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ". رواه البخاري ومسلم .
فرأسُ الأمرِ كُلهُ في الإسلام يدور حول هذا الحديث النبوي الشريف وما حواه من معنى إجمالي لجدوى العمل الصالح ومناطُ قبوله ومنالُ ثوابه وأجرهُ عند المولى عز وجل .
فلا قيمة لعمل لا يبتغي به المرءُ وجهَ ربه ومرضاته وإن بلغ من الحجم مبلغ الجبال ، وفي هذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم " لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا". قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " ( أخرجه ابن ماجه في سننه عن ثوبان رضي الله عنه ) .
وعلى النقيض من المثل السابق قد لا يُحصّل المرء من العمل إلا النذر القليل فيُتَقبل منه إن كان مُخلِصًا لله وحده لا يبتغي به سواه ففي الحديث الصحيح يقول صلوات الله وسلامه عليه " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، خُذُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ " .
الأصيرم عمرو بن ثابت
إنه الصحابي الجليل والذي ينتمي نسبًا لبني الأشهل منْ شرفهم النبي صلى الله عليه وسلم بوصفهم بأنهم خير دور الأنصار فقد ورد في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه عن أبي أسيد قال ، قال صلى الله عليه وسلم " خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل . وبالأصيرم لُقب الصحابي الجليل وهو يعني كما هو بالمعجم العربي " القوة " وهو ما يصدق عليه رغم حياته القصيرة في الإسلام وعمله القليل به .
وقد أشهر الأصيرم إسلامه يوم أحد ونال الشهادة فيه ، ولم يسجد لله سجدة واحدة وشهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة لأنه صدق الله ورسوله وحسن إسلامه والذي لم يتجاوز زمنه يومًا واحدا .
ومن عجيب أمر الأصيرم أن قبيلته كانت قد أسلمت عن بكرة أبيها إلا هو حتى تمكن الإسلام من قلبه يوم أحد فعقد العزم وأسرع إلى المسلمين فقاتل في صفوفهم ، وقد أصابت الصحابةُ الدهشة حين رأوه مرددين ما الذي جاء بهذا الأصيرم وقد كان كافرًا ، فلما سألوه بينما هو مدرجٌ في دمائه عما جاء به أجاب رغبة في الإسلام وأنه آمن بالله ورسوله وقاتلتُ حتى أصابني ما ترون ، فلما قص الصحابة ما كان من أمره على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " هو من أهل الجنة " .
فاللهم ربنا أنعم علينا وعلى المسلمين أجمعين بحسن العمل وحسن الخاتمة .
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا .