أصحاب ولا أعزّ أمّ ولا أشرّ
recent
أخبار ساخنة

أصحاب ولا أعزّ أمّ ولا أشرّ

Companions, neither the dearest, nor the most evil,

 أصحاب ولا أعزّ أمّ ولا أشرّ

قال الله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " .

وقال صلى الله عليه وسلم " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَأْخُذَ أُمَّتي بأَخْذِ القُرُونِ قَبْلَها، شِبْرًا بشِبْرٍ وذِراعًا بذِراعٍ، فقِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كَفارِسَ والرُّومِ؟ فقالَ: ومَنِ النَّاسُ إلَّا أُولَئِكَ " .

{ الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري } .

الصفحة أو الرقم : 7319 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | انظر شرح الحديث رقم 14981 .

الصاعقة

فقد استيقظ المجتمع المصري على صاعقة اهتزت لها أركانه الدينية والأخلاقية ، تمثلت في فيلم مأخوذ عن فيلم إيطالي شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ عُرض كتمهيد لإذاعته ونشره دون قيد أو مقابل على إحدى المنصات الإلكترونية .

وإذ اعتنق الفيلم فكرًا متمردًا ليس على المسلمات الإسلامية وحسب ، بل على المفاهيم الأخلاقية والإنسانية المستقرة منذ عرف الإنسان معنى الحضارة والرقي .

ففيه لا حدود بين حلال وحرام في كل ما يخص العلاقات بين الرجل والمرأة ، إنها الحرية المطلقة رداءً للخيانة الزوجية ، والشذوذ والمثلية المقيتة ، والتي يراها الإسلام وتراها الأخلاق والقيم والتقاليد السوية ، وكل ذي لُبٍ أو عقلٍ سوي فاحشة وخُلقًا منحلاً بغيضًا وممقوتًا ، وهاويةً للفطرة الإنسانية ، ودركًا وانتكاسًا لها لا سبيل للنجاة منه .

الفاحشة وموقف القرآن الكريم منها

وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه العزيز " كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهًا " ، فلا ريب أن جريمة الزنا من المحرمات العظمى ، وأعظم منها حرمةً محاولة تسهيلها أو تمريرها أو تهوينها أو تبريرها ، وللقرآن في هذا الشأن العديد والعديد من الآيات التي تُبشّع هذه الجريمة وهذا الذنب الرهيب إذ يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا " .

ويقول تعالى " أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " .

ويقول سبحانه وتعالى " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا " .

 ويقول المولى عز وجل " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ،" .

إلا من سفه نفسه

فما حاد وما رغب عن فطرة الله وشرعته وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلا من سفه نفسه ، ولنا فيمن سبق من الأمم ذكرى وعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ولعل أشهرها قوم لوط وما كان يأتوه من فاحشة ما سبقهم بها من أحدٍ من العالمين ، فاحشة إتيان الذكران من العالمين فكان عقابهم من الله عظيمًا رهيبًا تنادت به الأيام والسنون فصاروا مثلاً لهذه الفعلة الشنعاء وتذيرًا لمن تسول له نفسه إتيانها من بعد .

قال الله تعالى " وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " .

وتروي لنا الآيات القرآنية الكريمة ما آل إليه قوم لوط من عذاب بلغ حد الاستئصال كما جاء في قوله تعالى " وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ، وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ، قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ، قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ، قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ، مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ " .

عبرة وعظة ووعيد

ولا ريب أن في قوم لوط عبرة وعظة ووعيد فمن شاء أخذ بها وعمل بها واحتاج لها مصداقًا وإيمانًا بقوله تعالى " قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " .

ولنا أن نتدبر ما حاق ليس بقوم لوط وحسب ، بل ومن تعداهم ممن أيدوهم وناصروهم ولم يخالفوهم ولو قلبيًا ، فقد أصاب أمرأة لوط ما أصاب قومها من العذاب ، وحاق بها ما حاق بهم من الخسف والاستئصال رغم كونها لم تأت فاحشتهم إلا أنها لم ترفضه ولم تنه عنه ، فأيدته وباركته ، فحق عليهم جميعًا العذاب وصدق فيهم قوله تعالى " كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " .

الفاحشة وموقف السنة المطهرة منها

فقد ورد فيها " أنَّ مَاعِزَ بنَ مَالِكٍ الأسْلَمِيَّ ، أَتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ يا رَسولَ اللهِ ، إنِّي قدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَزَنَيْتُ، وإنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي ، فَرَدَّهُ، فَلَمَّا كانَ مِنَ الغَدِ أَتَاهُ، فَقالَ يا رَسولَ ، إنِّي قدْ زَنَيْتُ ، فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ ، فأرْسَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى قَوْمِهِ ، فَقالَ أَتَعْلَمُونَ بعَقْلِهِ بَأْسًا، تُنْكِرُونَ منه شيئًا ؟ فَقالوا ما نَعْلَمُهُ إلَّا وَفِيَّ العَقْلِ مِن صَالِحِينَا فِيما نُرَى ، فأتَاهُ الثَّالِثَةَ ، فأرْسَلَ إليهِم أَيْضًا فَسَأَلَ عنْه ، فأخْبَرُوهُ أنَّهُ لا بَأْسَ به، وَلَا بعَقْلِهِ، فَلَمَّا كانَ الرَّابِعَةَ حَفَرَ له حُفْرَةً ، ثُمَّ أَمَرَ به فَرُجِمَ . قالَ فَجَاءَتِ الغَامِدِيَّةُ ، فَقالَتْ يا رَسولَ اللهِ ، إنِّي قدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي ، وإنَّه رَدَّهَا ، فَلَمَّا كانَ الغَدُ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، لِمَ تَرُدُّنِي؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كما رَدَدْتَ مَاعِزًا، فَوَاللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى، قالَ إمَّا لا فَاذْهَبِي حتَّى تَلِدِي ، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بالصَّبِيِّ في خِرْقَةٍ ، قالَتْ هذا قدْ وَلَدْتُهُ ، قالَ اذْهَبِي فأرْضِعِيهِ حتَّى تَفْطِمِيهِ ، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بالصَّبِيِّ في يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَقالَتْ هذا يا نَبِيَّ اللهِ قدْ فَطَمْتُهُ ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إلى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ، ثُمَّ أَمَرَ بهَا فَحُفِرَ لَهَا إلى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا ، فيُقْبِلُ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ بحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ علَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا ، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَبَّهُ إيَّاهَا ، فَقالَ: مَهْلًا يا خَالِد ُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لو تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ { والْمكْسُ: الْجبايَةُ، وغَلَبَ استعمالُه فيما يَأخُذه أعوانُ الظَّلمةِ عِند البيعِ والشِّراء } لَغُفِرَ له. ثُمَّ أَمَرَ بهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا ، وَدُفِنَتْ .

{ الراوي بريدة بن الحصيب الأسلمي / المحدث مسلم / المصدر صحيح مسلم }

الصفحة أو الرقم 1695 | خلاصة حكم المحدث ( صحيح ) .

براءة

اللهم إنا نبرأ إليك من هذا الذنب ، ومن كل ذنب ، ومن كل عمل لا يوافق شرعتك وسنة حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم ، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل الجهلاء منا ، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .


google-playkhamsatmostaqltradent