هل من الخطأ الدعاء بقول يا رب
recent
أخبار ساخنة

هل من الخطأ الدعاء بقول يا رب

Is it wrong to pray by saying, O Lord?

 

هل من الخطأ الدعاء بقول يا رب

لا ريب أن للدعاء آدابًا وخُلقًا تلازماه ، وأسمى الدعاء وأزكاه ما كان مناجاةً لله جل جلاله في عليائه ، ويرى البعض أن أقل ما ينبغي مراعاته في هذا الدعاء هو إسقاط أداة النداء " يا " منه إقرارًا وعرفانًا واستشعارًا بقرب المنادى سبحانه وتعالى .

وقد استشهدوا ببعض آيات القرآن فيما ورد على لسان بعض الأنبياء إذ يدعون الله بقول " رب " دون أداة النداء " يا " كما في الآيات القرآنية الكريمة الآتية :-

( ربِ أرني أنظر إليك)

(ربنا أفرغ علينا صبرا)

(ربِ لا تذرني فردا)

(ربِ إن ابني من أهلي)

(ربِ اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي )

( ربِ إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)

( ربِ هب لي من لدنك ذرية طيبه انك سميع الدعاء )

وفي هذا السياق يرد دعاء رب الأرباب لعباده في القرآن غالبا بأداة النداء" يا " بما تعنيه من بعد المنادى حال كون الرب يتصف بالعلو ومنزه عن مداناة العباد فهو الغني عنهم .

وفي هذه المعاني أورد الشاطبي في الموافقات ( ٤/٢٠٢ )  " فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ نِدَاءَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ لَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِـ"يَا" الْمُشِيرَةِ إِلَى بُعْدِ الْمُنَادِي لِأَنَّ صَاحِبَ النِّدَاءِ مُنَزَّهٌ عَنْ مُدَانَاةِ الْعِبَادِ ، مَوْصُوفٌ بِالتَّعَالِي عَنْهُمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ ، فَإِذَا قَرَّرَ نِدَاءَ الْعِبَادِ لِلرَّبِّ أَتَى بِأُمُورٍ تَسْتَدْعِي قُرْبَ الْإِجَابَةِ : مِنْهَا: إِسْقَاطُ حَرْفِ النِّدَاءِ الْمُشِيرِ إِلَى قُرْبِ الْمُنَادَى ، وَأَنَّهُ حَاضِرٌ مَعَ الْمُنَادِيِ غَيْرُ غَافِلٍ عَنْهُ ؛ فَدَلَّ عَلَى اسْتِشْعَارِ الرَّاغِبِ هَذَا الْمَعْنَى ؛ إِذْ لَمْ يَأْتِ فِي الْغَالِبِ إِلَّا "رَبَّنَا" "رَبَّنَا" كَقَوْلِهِ: ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا ) [الْبَقَرَةِ: 286] , ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ) [البقرة: 127] . ( رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي) [آل عمران: 35] . (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) [الْبَقَرَةِ: 260] " انتهى.

بيد أن شمول الدعاء بأداة النداء ليس من قبيل الخطأ أو اقتراف الذنب ، فغاية الأمر بلاغي وليس أمراً ملزماً يأثم تاركه ، وليس أدل على ذلك مما ورد في حديث الشفاعة الذي أخرجه البخاري ( 4712 ) ( ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَقُولُ : أُمَّتِي يَا رَبِّ ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ ) ، وفي " صحيح مسلم " (920) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ )  .

وفي سنن أبي داود (1495): عَنْ أَنَسٍ : " أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ، ثُمَّ دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ ، بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى) .

وفي سنن الترمذي (3524) عن أنس بن مالك، قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) .

وفي مسند أحمد (17143) وغيره عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( أَلِظُّوا بِـ" يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" ) .

كما أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ ) ، وفيه أيضا (4625) : ( أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي ) .

كما جاء بالقرآن الكريم مثل ذلك ولو أنه ورد كشكوى لله أكثر منه طلب ورجاء لكنه في النهاية خطاب من الرسول لربه ينطوي على دعاء ومناجاه كما في قوله تعالى " وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا "﴿٣٠ الفرقان﴾

وقوله تعالى " وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ " ﴿٨٨ الزخرف﴾ .

وعليه فليس ثمة مانع من الدعاء لله سواء بقول يارب أو بقول رب .

هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل .

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

 

 



 


google-playkhamsatmostaqltradent