من بين
فرثٍ ودمٍ لبناً خالصاً
إعجازٌ
قرآني
قال
الله تعالى " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق
" .
وما
زالت تلكم الآية الكريمة وستظل تفيض بالمزيد والمزيد من أوجه الإعجاز الكوني والخَلقي
في الإنسان .
ويقول الله
تبارك وتعالى " وإن لكم في الإنعام لعبرة ، نسقيكم مما في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ
لبناً خالصاً سائغاً للشاربين" .
وفي هذه
الآية الكريمة إعجازٌ وبيانٌ يفصل في دقة متناهية كيفية تكون وصناعة اللبن في إناث
الحيوانات من بين فرث ودم .
ما هو الفرث
الفرث هو
ما تحتويه معدة الحيوان أو ما تسمى بالكرش من علف أو أعشاب أو حشائش خمرت بواسطة جراثيم
أو بكتيريا نافعة وهي بسبيل هضمها وإحالتها من مواد معقدة إلى مواد سهلة الهضم ليتحول
بعضها مع بعض من الدم في بطون الأنعام إلى لبنٍ حليبٍ خالصٍ سائغٍ شرابه كما قدر ربُ
الأرباب .
معجزة الحليب
تروي مراحل
تكون الحليب وآلياتها معجزة مبهرة لكلِ ذي لُب ، إذ تستطيع أنثى البقر إنتاج مايقرب
من خمسٍ وعشرين كيلو جراماً من الحليب في اليوم ، فإذا ما علمنا أن هذه الكمية تحتاج
ما يقرب من عشرة آلاف كيلو جرام من الدم ، أصابنا ولا ريب الذهول ، ذلك أن كمية الدم
في جسم البقرة لا يزيد عن خمس وأربعين كيلو جراما ، لكنها تكون دائما في حركة ودوران
مستمر وفي سرعة كبيرة سيما في ضرعها وهي تحتمل الأعشاب الممضوغة أو ما يسمى بالفرث
، وهذا ما تعبر عنه الآية الكريمة في دقة متناهية حين قالت من بين فرث ودم أي من بعض
الفرث وبعض الدم .
وهذا المصنع
الأعجوبة لإنتاج الحليب يستلزم من البقرة أن تقوم بمضغ العشب لأكثر من أربعين ألف مرة
في اليوم دون كللٍ أو ملل لتبرز لنا آية ومعجزة لو أراد الإنسان مضاهاتها لاستلزم الأمر
جهداً جهيدا ومساحة شاسعة ، فسبحان الله العظيم .
الإعجاز
في ذكر بطونه تارة وذكر بطونها تارة أخرى
إن المتأمل
للآيتين اللتين ذكرتا معجزة تكون اللبن تارة بلفظ " في بطونه " أي في بطون
الأنعام في إشارة ولا أروع إلى أهمية وجود
الذكر لهذه المهمة ، ذلك أن اللبن لا يمكن تكوينه إلا بوجود الجنسين ، فلا غنى عن الذكر
مع الأنثى ، إذ لو تواجد آلاف الإناث دون ذكر واحد فلا يمكن تكوينه وفي هذا تردد الآية
الكريمة هذا المعنى إذ تقول " وإن لكم في الأنعام لعبرة ، نسقيكم مما في بطونه،
من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين " .
بينما ورد
ذكر لفظ بطونها في الآية الأخرى في إشارة إلى الأنثى بحسبها المصنع مناط تكون الحليب
إذ تقول الآية الكريمة " وإن لكم في الأنعام لعبرة ، نسقيكم مما بطونها ، ولكم
فيها منافع كثيرة ، ومنها تأكلون " .
ولإنه كتاب
الله من لدن حكيم عليم ، حاشاه أن أن يأتيه باطل من بين يديه أو من خلفه ، لا نجد في
آياته حين يتناول معجزة تكون العسل إلا ذكر خروجه من بطونها أي من بطون إناث النحل
فقط إذ لا دخل لأي دور لذكور النحل في إنتاج العسل .
إن في هذا
لآية لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد
.
فبأي
حديث بعده يؤمنون .
وصلّ اللهم
وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .