شجرةُ الزيتون آيةٌ وإعجاز
ما علمنا شجرةً ورد ذكرها قى كتاب الله عز وجل ونالت مثلما نالت شجرة
الزيتون من قدر وتعظيم حتى أن الله أقسم بها فقال " والتين والزيتون وطور
سنين ، وهذا البلد الأمين " كما تردد ذكرها فى القرآن الكريم لسبع مراتٍ مدحاً
وإطراءً لها ولزيتها ، ومما زادها قدراً أن ضرب الله بها مثلا لنوره فى السموات
والأرض فقال سبحانه
" اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ
فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا
غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى
نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ
لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ومن العجيب أن يجعل القرآن من زيت الزيتون وقودا
للمصباح كمضرب للمثل بنور الله فى لمحة تقريب وتبسيط لحقيقته وكأنه يلفت الإنتباه
إلى ما قد يتمتع به هذا الزيت العجيب من طاقات كامنة حتى لكأنه يضئ دون أن تمسسه
نار .
ما هى شجرة الزيتون
هى من الأشجار المعمرة بحق ، إذ يمتد عمرها فى عطاءٍ مذهلٍ ومبهر لأكثر من
ألفى عام وقد يمتد حتى خمس سنوات ولعل هذا أحد أسباب وصف القرآن والرسول صلى الله
عليه وسلم لها بالمباركة وهى شجرةٌ دائمةُ الخضرة ، قد يبلغ أرتفاعها حتى خمسة عشر
مترا ، وهى تُزهر وتُثمر بعد خمس سنوات ، ويتصف خشب شجرة الزيتون بكونه غنى بموادٍ
تحفظه من السوس والتلف أو الحشرات ، وهى شجرة لا يصلح زراعتها إلا فى حوض البحر
الأبيض المتوسط ، أى فى منطقة متوسطة من الأرض .
الزيتون والقرآن
لشجرة الزيتون وزيتُها شأنٌ وقدرٌ فى القرآن ، ويتجلى ذلك فيما أوردته
الآيات ومنها :
قال الله تعالى " وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء
فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ
مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ
وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ
مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي
ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " .
وقال تعالى " يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ
وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون " .
وقال تعالى " ثمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ، فَأَنبَتْنَا فِيهَا
حَبًّا ، وَعِنَبًا وَقَضْبًا
، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ، وَحَدَائِقَ غُلْبًا ، وَفَاكِهَةً
وَأَبًّا ، مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ " .
وقال تعالى " وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ
مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ
وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا
أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ
يُحِبُّ الْمُسْرِفِين " .
وقال تعالى " وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ
بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ " وفى هذه الآية بيان وتفصيل لأوجه النفع
لشجرة الزيتون كشجرة تؤكل ثمارها وكذلك ما تميزت به من زيت وصفته الآية بالدهن
وقالت " تنبت بالدهن " أى يغلف ثمرتها ثم نعته بوصف آخر وهو الصبغ لأنه
يصبغ الخبز عند ملامسته له حين يستخدم فى الطعام .
الزيتون والسنة النبوية الشريفة
وقد وافقت السنة ما جاء فى القرآن الكريم من وصف لشجرة الزيتون وزيتها
بالبركة كما فى قوله تعالى " يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ
" فقال صلى الله عليه وسلم " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة
" .
وقال صلى الله عليه وسلم " ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة "
وقال صلى الله عليه وسلم " كلوا وادهنوا به فإن فيه شفاءً من سبعين
داء منها الجذام "
أعظم الزيوت النباتية
يعد زيت الزيتون أفضل الزيوت النباتية على الإطلاق ، لما خصه به الرحمن من
صفات ومزايا تجعله متربعا على عرشها دون منازع ، إذ يحظى بقدرة علاجية فائقة فى علاج
ضغط الدم المرتفع ، وخفض الكوليسترول الضار ورفع النافع منه ، الأمر الذى يحد
كثيراً من الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين ، حيث ثبت علمياً أحتواء ثمرة
الزيتون وزيتها على مواد ومركبات كيميائية تحول دون تخثر الدم وبالتالى تمنع حدوث الجلطات.
ولزيت الزيتون فوائد علاجية أخرى جمَّة ، منها إسهامه فى علاج الكثير من
الأمراض كالسكر والحد من مضاعفاته ، وتقوية الجهاز المناعى ، والوقاية من هشاشة
العظام حيث يعمل على ترسيب الكالسيوم فيها ، ويعد الزيتون وزيته ذا منافع عظيمة
لصحة الجلد والشعر لما يحظى به من مركبات مانعة للأكسدة مما يحول دون الإصابة
بسرطان الجلد الناجم عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية . وقد ثبت عن النبى صلى الله
عليه وسلم أنه إذا أراد أن يُحرم غسل رأسه ودهنه بزيت غير كثير .
أقوال فى الزيتون
من أجمل ما قيل فى الزيتون
·
قال ابن عباس رضى الله عنه " في الزيتون منافع، يسرج الزيت، وهو إدام
ودهان، ودباغ ووقود يوقد بحطبه وتفله، وليس فيه شيءٌ إلا فيه منفعةٌ ، حتى الرماد
يغسل به الإبريسم ، وهي أ ول شجرة نبتت في الدنيا ، وأول شجرة نبتت بعد الطوفان ،
ونبتت في منازل الأنبياء والأرض المقدسة، ودعا لها سبعون نبياً بالبركة منهم
إبراهيم ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم فإنه قال : "اللهم بارك في الزيت
والزيتون ".
اللهم بارك لنا ولا تحرمنا وارزقنا وأنت خير الرازقين
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا