كورونا والإسلام
ومنهجية مواجهة الوباء
لا تعجبنَ إن ألفت لكلِ أمرٍ- هان شأنه أو عظُم - للإسلام فيه حكمٌ وقول ،
ولو لم يكن ظاهراً وقت بعثة رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم ، ذلك أن الله هو
الحكم ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
وصدق الله إذ يقول سبحانه وتعالى " ولقد صرفنا فى هذا القرآن للناس من
كل مثل ، وكان الإنسان أكثر شيئ جدلا .
فالإسلام منهج وشريعة كاملة متكاملة ذا شمولية لكل دقائق الحياة ، فما من
شاردة إلا وله فيها حكمٌ ، ومن أمثلتها ما قد يحُل بالناس من وباءٍ وطاعون ، ولله
درُ منْ قال صلوات الله وسلامه عليه " لم تظهر الفاحشة في قومٍ قطّ حتّى
يُعلنوا بها ، إلّا فَشَا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم
الّذين مضوا " ولعل فى قوله أول ما ينبغى على المسلم بل والبشرية اتخاذه كمصلٍ
أو لقاحٍ احترازى من هذه الأوبئة الفتاكة ألا وهو تجنب المعاصى والمجاهرة بها
والإعلان بالذنوب والتفاخر بها ، إذ أن كل هذا من شأنه وجوب غضب الله ومن ثم معاقبتهم
بعقوبةٍ من جنس ما اقترفت أيديهم من ذنوبٍ غير مألوفة ، وذيوعها وظهورها فيهم ،
فيكون الإنتقام بذيوع وإفشاء الوباء والطاعون والأوجاع التى لم تكن مألوفة فى أسلافهم
السابقين .
منهج النبوة مع الوباء
فكيف بمن يُوحى إليه إن اتخذته فى مثل هذه المحن والمنايا طباً وطبيباً
ومعلماً ومرشداً إذ يقول صلى الله عليه وسلم بشأن الطاعون " إذَا سَمِعْتُمْ
بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا،
فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ. "
ويقولُ أيضا " لا يورد ممرض على مصح " .
وأمر صلى الله عليه وسلم بالفرار من المريض بالجزام فقال " فِرَ من
المجذوم فرارك من الأسد " ليكون هو أول من أمر بما يطلق عليه اليوم حجراً
صحياً وهو ما أثار حفيظة صحيفة من أشهر صحف أمريكا رواجا وانتشار حيث نشرت تقريرا
عن تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم بحسبه أول من أمر بالحجر الصحى والنظافة
الشخصية فى مواجهة الوباء وانتشاره مواكبا ومتزامنا مع ما يدعو إليه العالم الآن
من إلتزام المنازل والتباعد كإجراءات احترازية ووقائية من كورونا أو ما يعرف بكوفيد
-19 .
وقد أقر الطبيب الأمريكى وكاتب المقال أن محمداً نبى الإسلام قدم قبل ألف وثلاثمائة
عام نصائح للحيلولة دون انتشار الأوبئة ومنع تطورات طاعون ككوفيد 19 . كما أشاد
بأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم والتى تحض على النظافة الشخصية كأمره بغسل
اليدين عقب الاستيقاظ من النوم فلا تعلم أين تحركت يداك خلال نومك ، وأمره صلى
الله عليه وسلم بغسل اليدين قبل وبعد الأكل ووصفه لهذا ببركة للطعام ، وكل هذا من
شأنه إبقاء الناس بمأمن وسلامة من العدوى .
الصبر على الوباء وأجره
وقد بشر البشير صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم وهو أجر الشهادة لمن صبر
واحتسب لله أمره فى مواجهة الوباء بالتزامه بمنهج الإسلام فى مثل هذه الأحوال
العصيبة فقال " لَيسَ مِنْ رَجُلٍ
يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُث فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ
أَنَّهُ لَا يُصِيبُه إلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ ، إلِّا كَانَ لَهُ مِثْلُ
أَجْرِ الشَّهِيدِ " .
وقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أن رجلا جاء فى وفد لمبايعة الرسول
فأرسل إليه صلى الله عليه وسلم قائلا له " إنا قد بايعناك فارجع "
وهكذا يستبين بجلاء أن الإسلام هو رائد الحجر الصحى وأول مشرع لإجراءات
الطب الوقائى فى مواجهة الأوبئة والطاعون وأول شريعة تَسُنُ القواعد والأجراءات التى
ينبغى أن تواكب انتشارها للحد منها والقضاء عليها .
اللهم ارفع عنا وعن كل الأمم برحمتك الوباء وسلمنا وسائر الأمم من كل شر
وبأس ونعوذ بك من كل ما يغضبك .
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .