أقتربت الساعة وانشق القمر
آيةٌ معجزة أم إعجازٌ علمى
لعل الكثير لا يفرق بين الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم وبين المعجزة وقد
سُئل أحد علماء المسلمين المتخصصين فى الإعجاز العلمى فى القرآن عن الآية الكريمة
" أقتربت الساعة وانشق القمر " هل ترى فيها ما يمكن وصفه بالإعجاز
العلمى فى القرآن الكريم فجاءه الرد بالنفى مُسبباً إياه بأن الإعجاز العلمى يُفسر
بالعلم ؛ أما المعجزات فلا سبيل للعلم عليها ؛ ولا طاقة له على تأويلها أو تفسيرها
؛ ومضى العالمُ يضرب الأمثال مفسراً المعجزة بالأمر الخارق للنواميس الكونية كأن
ينشق الجبل عن ناقة كما فى قصة نبى الله صالح مع قومه ثمود ؛ أو كأن يُشقُ فى
البحر طريقٌ يابسٌ بضربة من عصا كليم الله موسى أو أن تأبى النار أن تحرق خليل
الله إبراهيم .
وانشقاقُ القمر معجزةٌ حسيةٌ شاهدةٌ على صدق نبوته ورسالته صلى الله عليه
وسلم ؛ وهى كغيرها من المعجزات الحسية والتى أيد بها الله جل فى علاه أنبيائه ؛
وهى حجةٌ على من شاهدها فما إن يمضى وقت حدوثها تُمسى خبراً يجرى عليه ما يجرى على
غيره من الأخبار فى زمن الماضى من تصديقه أو عدمه ؛ إلا ما ورد فى كتاب الله
العزيز فإن المسلم لزاماً عليه أن يصدقه ليس لأنه شاهده وإنما لأن الله أو رسوله
صلى الله عليه وسلم أخبر به ؛ ذلك أن قول الله وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح
عنه أصدق من رأىِّ العين .
أحاديث انشقاق القمر
فعَنْ أنَسِ
بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم أنْ يُرِيَهُمْ آية ، فَأرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ ، حَتَّى
رَأوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا .
وعَنْ أبِي
حَمْزَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ اِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم بِمِنًى فَقَالَ ” اشْهَدُوا .
وعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم بِمِنًى إِذَ انْفَلَقَ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ فَكَانَتْ فِلْقَة
ٌوَرَاءَ الْجَبَلِ وَفِلْقَةٌ دُونَهُ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم ” اشْهَدُوا .
وروى ابن
عباس أن المشركين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من بينهم صناديد الكفر كالوليد
بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل ؛ وقالوا له إن كنت صادقا فشق لنا
القمر فرقتين ؛ نصفا على جبل أبى قبيس ؛ ونصفا على جبل قعيقعان ؛ فقال صلى الله
عليه وسلم " إن فعلت تؤمنوا " ؟ قالوا نعم وكانت ليلة بدر ؛ فسأل الله
تعالى أن يعطيه ما سألوا فأمسى القمر قد سُلب نصفه على أبى قبيس ؛ ونصفا على قعيقعان
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادى " يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن
الأرقم أشهدوا .
وروى
الضحاك عن ابن عباس : جاءت أحبار اليهود الى رسول صلى الله عليه وسلم فقالوا أرنا آية حتى نؤمن بها ، فسأل ربه فأراهم
القمر قد انشق بجزئين ، أحدهما على الصفا والآخر على المروة ، قدر ما بين
العصر الى الليل ينظرون إليه ثم غاب ، فقالوا هذا سحر مفترى ؛ وفى روايات أخرى
قالوا هذا سحر مستمر ؛ وفى هذا قال الله
تعالى " أقتربت الساعة وانشق القمر ؛ وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر
" .
وقد رأى
بعض العقلاء من الكفار أن يستهدوا بالمسافرين القادمين إلى مكة وينتظرونهم محتجين
بأن السحر قد يجرى على من حضروه ؛ ولكن لا يمكنه أن ينال من كل الناس ولو لم
يحضروه ؛ فهُرع الكفار على مخارج مكة يسألون من قدموا إليها من السفر ؛ هل رأيتم
شيئا غريبا وقع للقمر ؛ فقالوا نعم وأقروا بواقعة انشقاق القمر فلقتين تباعدتا
لزمن ثم التحمتا فآمن منهم من آمن وكفر منهم من كفر .
انشقاق القمر تاريخيا
مخطوط هندى
فقد أورد المفكر الكبير الدكتور محمد حميد الله فى كتابه " محمد رسول
الله " أن أحدى المخطوطات الهندية القديمة والمحفوظة بالمتحف البريطانى بلندن
" تحت رقم 152/2807/173 " جاء بها أن
أحد ملوك ماليبار - وهي احدى مقاطعات جنوب غربي الهند- وكان اسمه شاكرواتي
فارماس قد شاهد انشقاق القمر فى عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم وحدَّث الناس بذلك ؛ وكان نفرٌ من التجار المسلمين قد مروا ببلاده فى طريقهم
إلى الصين وسمعوا بحديثه فأخبروه أنها معجزة أيد الله بها نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم ؛ فما كان منه إلا أن ولى ابنه على مملكته متجها لمقابلة الحبيب صلى الله
عليه وسلم مشهراً إسلامه بين يديه ؛ ثم وافته المنية فى رحلة العودة إلى وطنه وقبل
أن يغادر أرض الجزيرة العربية حيث دفن بأرض "ظفار" وكان إسلامه وخبر
وصوله إلى مملكته حافزاً على دخول الكثير من أهلها فى دين الله أفواجا .
قصة إسلام رئيس الحزب الإسلامى البريطانى
فلقد كان لهذا الرجل مع آية انشقاق القمر شأنٌ عجيبٌ انتهى به إلى اعتناق
الإسلام ؛ وكما جاء على لسان الدكتور زغلول النجار فى كتابه " من آيات
الإعجاز العلمى فى السماء " تحت عنوان " شاهد من عصرنا على انشقاق القمر
؛ قصة إسلام داود موسى بيدكوك رئيس الحزب الإسلامى البريطانى " أن هذا الرجل
أهداه أحد الطلاب المسلمين ترجمة لمعانى القرآن الكريم وكانت آية انشقاق القمر أول
ما قرأه من القرآن ؛ فما كان منه إلا أن أعرض غير مصدق لها ثم ساقه قدره الطيب وما
يعلمه الله عنه من حسن إخلاصه فى البحث عن الحق والحقيقة إلى الجلوس أمام التلفاز
البريطانى ليشاهد حوارا بين معلق رياضى وثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين ؛ وعلى
أثر استياء المعلق من هدر وإضاعة آلاف المليارات من الأموال على رحلات الفضاء والتى
أولى بها أن تنفق فى كثير من أوجه الإعمار والطب والصناعة والزراعة وغيرها مما
ينفع الناس وخاصة الفقراء منهم ؛ ذكر أحد هؤلاء العلماء أننا لو أنفقنا أضعاف هذه
الأموال لبلوغ ما بلغنا من حقيقةٍ لم يكن ليصدقها الناس أبدا ألا وهى أن هذا القمر
قد انشق يوما ما ثم التحم ؛ فلما سأله المعلق كيف عرفتم هذه الحقيقة قال وجدنا حزاما من الصخور المتحولة يقطع القمر
من سطحه إلى جوفه إلى سطحه ، ولما استشرنا علماء الأرض وعلماء الجيولوجيا ، قالوا محال
أن يحدث إلا إذا كان هذا القمر قد انشق ثم التحم ؛ فما كان من الرجل إلا أن فزع من
كرسيه مردداً معجزة تحدث لمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أربعمائة عام ثم يسخر الله
تعالى من ينفق مئات المليارات لإثباتها للعالم والمسلمين فلابد أن يكون هذا الدين
حق وهو من عند الله فكان إسلامه .
وقد جاء
على موقع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أن هناك شبكة عنكبوتية من الصدوع قد أغرقتها
الحمم فى مناطق منخفضة فى الجزء الخارجى للسطح وغطت هذه الشقوق .
رابط وكالة الفضاء الامريكية
ناسا التي تكشف فيه عن وجود انشقاق في القمر :
http://history.nasa.gov/SP-362/ch5.6.htm
وفى تقرير
نشره الاتحاد الجيوفيزيائى عام 1970 أن الطريقة التى تشكلت بها هذه الشقوق تناقض
كل النظريات المعروفة وأن الأمر وكما يراه المهندس "ووفر مهمت" أشبه ما
يكون بصدمة كهربائية شديدة وعنيفة تماما كالبرق اقتربت من القمر فأنتجت هذه الشقوق
ثم أُعيد لحمها كما يتم اللحام الكهربائى للمعادن بواسطة التيار الكهربائى ذاته .
ولئن كان
انشقاق القمر آية كونية كبرى كغيرها من آيات الله تلفت القلوب والأنظار لتتدبرها
وتعيها أذنٌ واعية ؛ فإن القمر ذاته فى سمائه ومداره ومنازله وأثره فى الأرض لهو
أعظمُ آية من انشقاقه ؛ ويا لها من آيةٍ مستمرة تُلجم من حجبه وحال بينه وبين الحق
كبرٌ ما هو ببالغه .
وصدق الله
تعالى إذ يقول " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه
الحق ؛ أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد " .
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا