محمد علي كلاي
إنه كاسيوس كلاي البطل العالمي الأشهر في تاريخ الملاكمة ، بل هو رياضي القرن كما وصفته "سبورتس ألستريتد" .
وُلد لعائلة أمريكية سوداء متوسطة ، وأعلن إسلامه في عام ألف وتسعمائة وأربعة وستين وغير اسمه إلى محمد علي بدلا من كلاي ، وحاز بطولة العالم في الملاكمة للوزن الثقيل ثلاث مرات على مدى عشرين عاما ، وهو صاحب أسرع وأقوى لكمة في العالم حيث تعادل قوتها ألف باوند ، وكان محمد علي يصف نفسه بأنه من الخفة بحيث يطير يطير كالفراشة ، ومن السرعة بحيث يلسع كالنحلة ، وفي عام ألفين سنّ الكونجرس الأمريكي قانونا لحماية حقوق الملاكمين عُرف بإسم قانون محمد علي .
ومن أشهر مواقفه الإنسانية رفضه المشاركة مع بلاده كجندي في حرب فيتنام لإنها تتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية حيث وصفها بهذه الكلمات " هذه الحرب ضد تعاليم القرآن، وإننا –نحن المسلمين– ليس من المفترض أن نخوض حروبا إلا إذا كانت في سبيل الله" والذي ترتب عليه حرمانه من لقب البطولة وسحب حزامها والحكم عليه بالسجن خمس سنوات لم تُنفذ حينها مع غرامة مالية قدرت بعشرة آلاف دولار ، كما لا ينسى له كموقف سياسي جدير بالاحترام واسطته لدى الرئيس العراقي صدام حسين في الحرب الخليجية حين غزا الأخير الكويت واحتجز ما يقرب من خمسة آلاف أجنبي كرهائن مما ترتب عليها إطلاق أغلبهم ، وقد توفي في عام ٢٠١٦ بمرض باركنسن أو ما يطلق عليه الشلل الرعاش .
إعتناقه الإسلام
وُلد محمد علي كلاي أمريكيا مسيحيا ، وفي عام ألف وتسعمائة وستين بدأت رحلته مع الإسلام وكما جاء على لسانه بدأت تراوده فكرة البحث فيه عندما اصطحبه صديقه المسلم إلى أحد المساجد ليستمعا إلى شرح عن الإسلام ومبادئه فإذا به وأثناء إنصاته إلى الشيخ بصوت خفي يناديه في صدره بتحري الحق والحقيقة في أمر الله والإسلام والدين والخلق .
وقد قطع محمد علي في رحلة دخوله الإسلام سنوات ما بين دراسة وبحث ومقارنات بين الإسلام والأديان الأخرى وصفها بالشاقة حتى شرح الله صدره للإسلام وعلم أنه دين الحق ، فجاء على لسانه "حاولت التمييز بين واقع المسلمين اليوم ، وحقيقة الإسلام ، وجدت في الإسلام دينا يحقق السعادة للبشر جميعًا " .
وقد كان مشهد إعتناقه الإسلام عظيمًا ومدويًا حين تُوج بطلا للعالم في الملاكمة للوزن الثقيل في العشرين من عمره بعد فوزه الملاكم الشرير على حد وصفه له ووسط ضجيج الاحتفال وصرخات أنصاره بالفوز وهتافات المعجبين وعلى مرأى ومسمع العالم يشهر البطل إسلامه وإذا به يردد الشهادتين بقول " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" . وأن اسمه أصبح محمد على ،محمد نسبة إلى نبي الإسلام ، وعلي نسبة إلى علي بن أبي .طالب رضي الله عنه .
ما قدمه للإسلام
على الرغم مما اتسمت به رياضة الملاكمة من عنف وقوة مفرطة حاز فيها محمد علي أعلى البطولات والألقاب ، إلا أنه وبعد اعتناقه الإسلام صار مثلاً للمسلم الحق موصوفًا بالرحمة والإنسانية الداعية إلى نصرة الضعفاء والفقراء في شتى بقاع الأرض حتى بعد اعتزاله الملاكمة فلا يُنس له نصرته للقضية الفلسطينية ومسيراته في نصرة السكان الأصليين لأمريكا ونجاحه في إقناع الحكومة الكينية في مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية في موسكو عام ألف وتسعمائة وثمانين بسبب حرب روسيا على أفغانستان .
كما قدم محمد علي من الدعم المالي للإسلام الكثير والكثير ، فقد خصص مائتي مليون دولار سنويًا لخدمة الإسلام ، وحول قصره العظيم إلى مسجد ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ، كما بنى أكبر مسجد بولاية شيكاغو والذي أصبح مركزًا إسلاميًا ضخمًا أشتُهر عنه منحه الكتب الاسلامية مجانا .
وقد خاض محمد علي جولات وصولات ذودًا ودفاعًا عن الإسلام خاصة ما يتعرض له من افتراءات وكذب لصق الإرهاب به ظلمًا وعدوانًا فكان من أقواله في هذا الشأن “أنا مسلم، وليس من الإسلام بشيء قتل الأبرياء فى باريس أو سان برناردينو أو أى مكان آخر فى العالم، المسلمون الحقيقيون يعرفون أن العنف الوحشى الذى يمارسه من يطلق عليهم الجهاديون يتعارض مع مبادئ ديننا الحنيف”.
ولعل من أعظم مواقف محمد علي الدالة على يقين إيمانه واعتزازه العظيم بالإسلام وفخره وفخاره به ما كان منه عام ألف وتسعمائة وتسعين حين وقف في البيت الأبيض مع كبار المستقبلين للرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف وإذا به يدعوه إلى الإسلام ويهديه نسخة من القرآن الكريم على مرأى ومسمع من الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب وأمام جميع وسائل الإعلام العالمية .
قيض الله للإسلام وللمسلمين ما زادهم عزةً وقوة ورفعة ونصر الإسلام برجاله .
وصل اللهم وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .