اهتز لموته عرشُ الرحمن
recent
أخبار ساخنة

اهتز لموته عرشُ الرحمن

The throne of the Most Merciful shook at his death

 

اهتز لموته عرشُ الرحمن

إنه الصحابيُ الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه ، سيدُ قومه الأوس ، وهي إحدى قبائل الأنصار بالمدينة المنورة .

وقد ورد في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال وجنازة سعد بين أيدي الصحابة رضوان الله عليهم " اهتز لها عرش الرحمن".

( الراوي جابر بن عبدالله )

المحدث "مسلم"

 المصدر صحيح مسلم الجزء أو الصفحة2466 حكم المحدث { صحيح }

وقد افتخر الحيّان بالمدينة المنورة الأوس والخزرج ، فقال الأوس منا غسيل الملائكة أي من غسلته الملائكة وهو الصحابي حنظلة بن الراهب ، ومنا من اهتز عرش الرحمن لموته وهو الصحابي سعد بن معاذ ، وقال الخزرجيون منا أربعة جمعوا القرآن ، لم يجمعه غيرهم وهم زيد بن ثابت ، وأبو زيد ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل .

( الراوي أنس بن مالك المحدث الألباني )

 المصدر إرواء الغليل

 الجزء أو الصفحة 3/168

حكم المحدث حسن صحيح .

لماذا اهتز عرش الرحمن لموته

ولعل سؤالاً يطرح نفسه فحواه بما نال هذا الصحابي تلك المنزلة الرفيعة حتى يهتز له عرش الرحمن ولم يهتز لغيره من قبل .

لم ينل سعد بن معاذ تلك المكانة من فراغ ، إذ إن قصة اعتناقه للإسلام والتي كانت سببًا كبيرًا في دخول قبيلته عن بكرة أبيها في الإسلام أفواجًا لتنضح بعظمة وعلو همة ذلك الصحابي والتي استأهل بسببها من لم يستأهله غيره .

قصة اعتناقه الاسلام

فما إن انشرح صدر سعد بن معاذ للإسلام بسماعه بعض آيات القرآن الكريم حتى توجه تلقاء قومه بني عبد الأشهل مناديًا فيهم " ما تقولون في " قالوا سيدنا وزعيمنا والمُطاع فينا " فقال لهم كلام رجالكم ونسائكم حرامٌ عليّ ما لم تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستجابوا له جميعًا حتى أنه لم يبق بيتٌ في المدينة المنورة إلا ودخله الإسلام وكان هذا الموقف من سعد بمثابة انتصار عظيم للإسلام حديث العهد بالمدينة المنورة واستحق به ذلك الصحابي الجليل هذه المكانة العظيمة .

موقفه الخالد في بدر

كان لسعد بن معاذ في غزوة بدر موقفًا عظيمًا بالغ الأثر في رفعة الإسلام ، عندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه قبيل خوض أول غزوة في الإسلام مستشيرًا إياهم في القتال بعدما ظنوا وعقدوا العزم على الخروج طلبًا للقافلة لا للقتال ، بينما كتب الله عليهم القتال ، وبينما أبدى المسلمون وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وغيرهم التسليم والتفويض للرسول فيما يراه من قتال المشركين ، كان صلى الله عليه وسلم يرغب في سماع رأي الأنصار وهم الذين بايعوه على النصرة والفداء بأهليهم وأبنائهم في المدينة غير أنهم الآن ببدر بعيدون عن المدينة فهل ما زالوا على عهدهم ؟ .

ولما أدرك سعد بن معاذ مقصد الرسول صلى الله عليه وسلم إنبرى قائلا لعلك تقصدنا يا رسول الله فقال صلوات الله وسلامه عليه نعم فقال سعد يا رسول الله آمنا بك وصدقناك وآمنا بأن ما جئت به هو الحق فخذ ما شئت من أموالنا واترك لنا ما شئت ، فأنا والله ثُبُتٌ في الحرب صُبُرّ عند اللقاء ، ولو خُضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، فتهلل وجهه صلى الله عليه وسلم وقال أبشروا وسيروا على بركة الله فوالله لكأني أرى مصارع القوم .

كان لهذا الموقف العظيم لسعد بن معاذ أبلغ الأثر في رفع راية الإسلام ونصرته في غزوة بدر وما ترتب عليه من فتوحات ونشر دعوة الله في ربوع الأرض وبلوغ الإسلام إلى الكثير والكثير من الناس فكان ما كان له من شرف وكمال بلغ أن اهتز لموته عرش الرحمن وصدق فيه قوله تعالى " من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللَّه عليْهِ فَمِنْهُمْ من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ".

لماذا اهتز العرش

إختلف العلماء في علة اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ وتعددت الآراء حولها ، فمنهم من يرى اهتزاز العرش جاء فرحًا واستبشارًا بقدومه رضي الله عنه قياسًا على ما ورد بالسنة النبوية الشريفة من حب جبل أحد للرسول صلى الله عليه وسلم

 فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " صعد النّبي صلى الله عليه وسلم إلى أُحُد ومعه أبو بكر وعمر ، فرجف بهم ، فضربه برجله فقال صلى الله عليه وسلم اثبت أحد ، فما عليك إلّا نبيّ ، أو صدّيق ، أو شهيدان) رواه البخاري .

وفي هذا قال الحافظ بن حجر في الفتح في تفسيره لهذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اهتز العرش لموت سعد بن معاذ"

والمقصود باهتزاز العرش هنا هو استبشاره وسروره بقدوم روح سعد بن معاذ، فيقال لكل من فرح بقدوم قادم عليه اهتز له ، وسبب تفسيره لاهتزاز العرش بهذه الطريقة الغريبة، أنه كان من عادات العرب التعبير عن سعادتهم بقدوم شخص بقوله أنه قد اهتز إليه.

وقد ناصر وأيد أهل اللغة العربية هذا المعنى استنادًا إلى أن كلمة اهتز قد ترد بمعنى فرح فيكون اهتزاز العرش يعني فرحه .

بينما رأى فريق آخر اهتزاز العرش بموت سعد جاء تنبيهًا من المولى سبحانه وتعالى لملائكته بقدومه رضي الله عنه ، ورأى فريق ثالث أن اهتزازه جاء تعبيرًا عن حبه سبحانه وتعالى وفرحه بقدوم ولقاء هذا العبد الصالح.

ومما يجدر الإشارة إليه رأي سيدنا عمر بن الخطاب في هذه المسألة الخلافية إذ يرى رضي الله عنه أن اهتزاز العرش إنما يعني اهتزاز أهل السماء من الملائكة خاصة حملة العرش وأن البرهان على ذلك ما ورد بالحديث أن جبريل قال " من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء ، واستبشر به أهلها " ( أخرجه الحاكم ) .

جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وممن يتأسون ويقتدون بسنة النبي الكريم .

وصلّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .


google-playkhamsatmostaqltradent