لماذا لم يؤذن النبي طيلة حياته
مما لا شك فيه أنه لم يرد ولم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للصلاة ولو مرة واحدة طيلة حياته الشريفة .
وقد تناول الفقهاء بالبحث ما قد يُستنبط من حكمة أو عبرة من امتناعه صلى الله عليه وسلم عن الأذان بنفسه بينما كانوا يفاضلون بين الإمامة في الصلاة من ناحية وبين الأذان من ناحية أخرى .
وقد ذكر الإمام النووي في هذا المعرض في كتابه " المجموع" أنه صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدون قد أمّوا ولم يؤذنوا ، وكذلك الجُلّ الكثير من كبار العلماء ، وذلك حال كونهم شُغلوا بهموم الدعوة إلى الله وإلى الإسلام وحملوا على عاتقهم أمانة العلم والتبليغ حيث لا يملك غيرهم مؤنته والقدرة على الاضطلاع بتلك الأمانة العظيمة .
وقد أيد البيهقي هذا الاتجاه فيما رواه بإسناد صحيح عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ قال " لو كنت أطيق الأذان مع الخلافة لأذنت " .
بيد أن فريقًا آخر من الفقهاء رأى واعتقد مزيدًا من التأويل والمبررات في إعراضه صلى الله عليه وسلم عن الأذان بنفسه جديرةٌ بالذكر منها على سبيل المثال : -
فقد ذهب البعض منهم مثل العلامة الحطاب في " مواهب الجليل " (1/ 422) إلى أنه لو أذن الرسول صلى الله عليه وسلم مناديًا للصلاة فقال " حي على الصلاة " وقع من تخلف عنها تحت طائلة وعقوبة الآية الكريمة " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " { النور الآية ٦٣ } .
وذهب البعض الآخر إلى أنه لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم داعيًا فلم يجز أن يشهد لنفسه.
وقيل أيضا مخافة أن يُظن أن هناك نبيًا آخر إذا ما قال صلى الله عليه وسلم " أشهد أن محمدًا رسول الله " .
واخيرًا رأى البعض أن الأذان رآه غير رسول الله كرؤية في المنام فوكله صلى الله عليه وسلم إلى غيره .
ومما يجدر ذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن في أذن كل من سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهما عند ولادتهما كما ثبت في الحديث الحسن الصحيح فيما أخرجه الترمذي في سننه عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه أنه قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته أمه فاطمة بالصلاة " .
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .